«الإيكونوميست»: هل تنجح الرقابة الروسية على الإنترنت في حماية المجتمع من الحرب النفسية؟

«الإيكونوميست»: هل تنجح الرقابة الروسية على الإنترنت في حماية المجتمع من الحرب النفسية؟
الكرملين

بادر الكرملين سريعًا إلى الرد على سلسلة الحرائق التي اجتاحت روسيا مؤخرًا، متهمًا أوكرانيا بتوجيه هذه الهجمات من خلال أساليب الحرب النفسية والتلاعب بالمواطنين.

ووفقا لتقرير نشرته مجلة "الإيكونوميست"، أمس الأحد، فإنه في الوقت الذي يواجه فيه المواطنون الروس مئات الهجمات بالحرائق المتعمدة، بدءًا من إشعال ماكينات الصرف الآلي وصولًا إلى استهداف مكاتب حكومية، وجّهت روسيا أصابع الاتهام إلى أوكرانيا باعتبارها وراء هذا التصعيد، مشيرة إلى دور مراكز الاتصال الأوكرانية المتخصصة في الاحتيال الهاتفي.

وأكدت موسكو أن هذه المراكز، التي تدار من مدن أوكرانية مثل كييف ودنيبرو، تقوم بتوظيف تقنيات نفسية معقدة للتأثير على الأفراد وإجبارهم على ارتكاب هذه الهجمات.

تزايد الهجمات

في 21 ديسمبر الماضي، أقدم رجل مسن في روسيا على إشعال النار في جهاز صراف آلي بعد أن تلاعب به محتالون هاتفيون، مما دفعه لتنفيذ الفعل تحت تأثير الإقناع بالخسارة المالية.

وكرر الرجل الحيلة عدة مرات قبل أن تُلقي الشرطة القبض عليه في مدينة كولبينو القريبة من سانت بطرسبرغ، وادعى المتهم أن عمله لم يكن ناتجًا عن اقتناع شخصي بل كان نتيجة لإيعاز من محتالين هاتفين.

تزامنت هذه الحادثة مع سلسلة من الهجمات المشابهة في ذات اليوم، حيث استهدفت بنوكًا ومراكز شرطة ومؤسسات حكومية أخرى، ومع تكرار هذه الحوادث، أصبح من الواضح أن الأفراد، الذين كانوا غالبًا من كبار السن مثل هذا الرجل، تعرضوا للاستغلال والتلاعب، مما أثار المزيد من التساؤلات حول دوافعهم الحقيقية.

حرب المعلومات

أكدت روسيا أن أوكرانيا ليست مجرد طرف في الحرب العسكرية، بل أيضًا في حرب نفسية عبر تكنولوجيا الاحتيال الهاتفي، ولطالما كانت مراكز الاتصال الأوكرانية، التي تعمل بشكل غير قانوني من مدن أوكرانية، تستخدم أساليب نفسية متقدمة للتأثير على الأفراد، لا سيما في الأوقات التي تنخفض فيها مستويات الوعي الأمني لدى المواطنين الروس.

وقالت إنه منذ بداية النزاع في عام 2014، أصبحت هذه المراكز تهدد الحياة اليومية للمواطنين الروس، حيث يمكنها الوصول إلى معلومات شخصية ومالية تتيح لها استغلال الأفراد في سياقات معقدة.

وذكرت "الإيكونوميست" أنه في المقابل، استخدمت روسيا أساليب مشابهة في الهجمات ضد أوكرانيا، حيث نشطت في إشعال حرائق استهدفت المركبات العسكرية الأوكرانية، مستخدمة أساليب مشابهة في خداع الأفراد.

وتم وعد بعض المواطنين في أوكرانيا بمبالغ تصل إلى 1000 دولار مقابل تنفيذ هذه الهجمات، لكن معظمهم لم يحصلوا على المال الموعود، في نهاية عام 2024، أُحيل 341 فردًا إلى المحاكمة بسبب تورطهم في هذه الهجمات، التي كانت في الغالب بسبب تعرضهم لخداع ولم يكن لهم دافع إيديولوجي وراء تلك الأفعال.

رقابة على الإنترنت

في خطوة سريعة للحد من تأثير هذه الحروب النفسية، قررت روسيا اتخاذ تدابير صارمة ضد المعلومات الخارجية التي قد تسهم في تحريض المواطنين، فقد أغلقت روسيا موقع يوتيوب وفرضت قيودًا على خدمات الاتصال عبر الإنترنت بهدف حجب أي محتوى غير موثوق به أو غير تابع للرواية الرسمية.

ورغم أن هذه الإجراءات تشير إلى الاعتراف الروسي بأن بعض الهجمات قد تكون ناجمة عن عمليات خداع منظمة، فإن هذا الاعتراف لا يبدو أنه سيخفف من محاكمة المتهمين.

وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة تبرئة المتهمين في قضايا الإرهاب في روسيا تبلغ 0.26% فقط، مما يعكس قسوة النظام القضائي الروسي وصعوبة الدفاع عن المتهمين، سواء كانوا ضحايا للخداع أو لا.

دفاع عن المتهمين

أشار المحامي الروسي ديمتري زاخفاتوف إلى أن الدفاع عن المتهمين في مثل هذه القضايا في روسيا أمر شبه مستحيل، في النظام القضائي الروسي، نادرًا ما يُسمح للمتهمين بالحصول على محاكمة عادلة، حتى وإن ثبت تعرضهم للخداع أو التلاعب.

ومن المحتمل أن يواجه أشخاص مثل ألكسندر نيكيفوروف وآخرين عقوبات قاسية بعد اتهامهم بالإرهاب، حيث يندر أن تتم تبرئة المتهمين في مثل هذه القضايا.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية